ألا تحبون أن يغفر الله لكم
أيها الإخوة والأخوات: إنه لِمّما يدمي القلب ويدمع العين ما نراه من الاجتراء على حرمات الله من كثير من المسلمين ومع الأسف الشديد .
أجل !! لقد تساهل الكثيرون في المعصية ، وهانت على نفوسهم الذنوب ، فأصبح أولئك يعاقرون ما يسخط الله ويغضبه وكأن شيئاً لم يكن !! فإلى الله المشتكى وهو المستعان .
ومع تقدم إنسان هذا العصر مادياً وحضارياً تنوعت وسائل الإغواء والانحراف ، واجتالت الشياطين أكثر الناس فأغرقتهم في أوحال المعصية ، وأردتهم في حفر الخطيئة ، وزاد البعد عن الله الواحد الأحد الذي لم تنقطع نعمه ، ولم تنتهِ فضائله ؛ بل هي متتابعة تترى على عباده . فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟!!
فيا من أطلق لنفسه العنان ، ولم يرعَ لله - تبارك وتعالى - حقاً : إلى متى وأنت تقتات المعصية وتألفها ؟!!
ألم يحن بعدُ وقت الرجوع إلى الله تبارك وتعالى ؟!
أما آن لك أنْ تنطرح بين يدي مولاك ؟!
أما آن لك أن تفيق من سكرة الذنب ؟!
أيها السائر في طريق الهوى واللذة العابرة :رويداً رويداً. أتعرف الذي تعصيه ؟!
أتعرف من تبارز بذنبك ؟!
إنه الله الجبار الذي بيده ملكوت السماوات والأرض !!
أيها المسرف على نفسه : كفاك كفاك ...
آن لك أن تضع عصا الترحال , وأن تذرف الدموع الغزار ، دموع الندم على ما فات وسلف من الأزمان الماضية ... على ما سلف من ذنوبك وخطاياك ...
نعم ، آن لك أن تعترف بذنبك لربك وتقول بلسان النادم الأوّاب :
دعـنـي أنـوح عـلى نـفسي وأندبها وأقـطع الـدهر بالتـذكـار والحـزنِ
دعني أسـحُّ دمـوعاً لا انقـطاع لهـا فـهـل عسى عـبرةٌ مـنها تخـلصني
دع عنك عذلي يا من كنتَ تعــذِلني لـو كنت تعلم ما بـي كنت تعذرنـي
أنـا الـذي أغلق الأبــواب مجتهداً على المـعاصي وعـــين الله تنـظرني
يـا زلـةً كُتِـبـت في غفـلة ذهبت يـا حسرة بقيت في القلب تحــرقـني
تمـرُّ سـاعـات أيـامـي بلا نـدم ولا بكـاء ولا خــــوف ولا حـزن
ما أحلـم الله عـني حـين أمـهـلني وقـد تمـاديتُ فـي ذنـب ويـسترنـي
إي والله يا عباد الله ، ما أحلم الله عنا !!
كم عصيناه ويسترنا ؟!! كم خالفنا أمره فما عاجلنا بعذابه ؟!!
أظهر للناس الجميل ، وأخفى عنهم القبيح من سرائرنا . فاللهم رحمة من عندك تكفر بها ما سلف من ذنوبنا وخطايانا